الميناء ليس مجرد رصيف ترسو عنده السفن، بل مسرح تختلط فيه مشاعر الانتظار واللقاء. على الأرصفة، تقف العيون مترقبة عودة البحارة والمسافرين، تتأمل الأفق حيث تلوح السفن كأنها نجوم عائمة.
في الصباح، تزدحم الموانئ بأصوات العمال، رافعات ترفع الحاويات، وصيادين يفرغون شباكهم المليئة بخيرات البحر. أما عند الغروب، فيغدو الميناء لوحة مضاءة بألوان السماء والنوارس التي تحلّق فوق الأمواج.
الموانئ ليست مكاناً للحركة الاقتصادية فقط، بل فضاءات إنسانية تحمل قصصاً شخصية. كم من رسالة انتظرها محبّ على رصيف الميناء، وكم من لقاء عائلي بدأ بابتسامة على شاطئه. حتى الفراق المؤلم يجد في الميناء شاهداً صامتاً على دموع المودّعين.
الموانئ القديمة تحمل عبق التاريخ، حيث عبرت منها القوافل البحرية الأولى، وتبادلت الشعوب ثقافاتها. أما الموانئ الحديثة، فهي جسور ضخمة للعولمة، تختصر المسافات بين القارات.
رمزياً، الموانئ التي تنتظر العائدين تذكّرنا أن السفر ليس دائماً ابتعاداً، بل وعد بالرجوع. وأن وراء كل رحلة بداية جديدة، ووراء كل عودة قصص لا تنتهي.